إن الطلاق من الأمور المهمة في الشريعة الإسلامية، حيث شرعه الله -تعالى- وسيلة لحل المشاكل الزوجية، ودفع الضرر وإزالة المفاسد المترتبة على استمرار العلاقة بين الزوجين، فإن الله -تعالى- قد شرع النكاح لإقامة حياة زوجية مستقرة مبنية على المودة والرحمة، ولإنشاء أسرة مسلمة، فكان الحلّ لإنهاء الخصومات الدائمة بين الزوجين، وعدم القدرة على استمرار الحياة بينهما، الطلاق، وقد اهتم الإسلام بالطلاق، وأولى به عناية بالغة، فبيّن أحكامه، وشروطه، وأركانه، وأنواعه، وأسبابه، وألفاظه، وما يترتب عليه من آثار؛ كالعدة، والنفقة، والرضاع، والحضانة، ونحوه من الأحكام المتعلقة به، ونظراً لأهميته سمّى الله -تعالى- سورة كاملة باسم "سورة الطلاق"، وآتياً بيان الآيات الكريمة التي تحدثت عنه.


آيات قرآنية عن الطلاق


عدد الطلقات

حدد الشرع عدد الطلقات التي يمتلكها الزوج بثلاث طلقات؛ طلقتين رجعتين؛ حيث يجوز للزوج أن يراجع زوجته بعدهما، والطلقة الثالثة، وتسمى بالطلقة البائنة بينونة كبرى، وبها تنتهي العلاقة الزوجية، ولا يحلّ له نكاحها من جديد حتى تتزوج رجلاً غيره زواجاً صحيحاً، فإن طلقها الزوج الثاني أو توفي عنها، جاز له أن يراجعها بعقد ومهر جديدين، وآتيا ذكر الآيات التي تحدثت عن ذلك:


الطلقتان الرجعيتان

(الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). [سورة البقرة، آية: 229]


الطلقة البائنة ومتى تحل الزوجة بعدها

(فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). [سورة البقرة، آية: 230]


عدة المطلقة

بيّن الشارع أن للمطلقة عدة تعتد لها عند طلاقها، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا)، [سورة الطلاق، آية:1]، وهذه العدة تختلف بحسب حال المطلقة، وفيما يلي ذكر الآيات:


عدة المطلقة غير الحامل

إذا كانت المطلقة غير حامل وتحيض، فعدتها ثلاثة قروء، واختلف الفقهاء في المقصود بالقروء على قوليْن؛ الأول: ثلاثة الأطهار، والثاني: ثلاث حيضات، فجاء قوله -تعالى-:

(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). [سورة البقرة، آية: 228]


عدة المطلقة الحامل

إذا كانت المطلقة حاملاً، فعدتها عند وضع حملها؛ أي عندما تلد، فقال -تعالى-: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا). [سورة الطلاق، آية:4]


عدة المطلقة الكبيرة في السنّ والصغيرة

إذا كانت المرأة بلغت سن اليأس، بحيث أصبحت كبيرة لم تعد تحيض، أو كانت صغيرة في السنّ لم تصل إلى سنّ الحيض، ولم تكونا حامليْن، فعدتهما ثلاثة أشهر، فقال -تعالى-: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا). [سورة الطلاق، آية:4]


لا عدة للمطلقة غير المدخول بها

إذا طُلقّت المرأة قبل الدخول فلا عدّة عليها، قال -تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا). [سورة الأحزاب، آية: 49]


النهي عن الإضرار بالمطلقة

نهى الله -عزّ وجلّ- الأزواج عن الإضرار بزوجاتهنّ عند طلاقهنّ والتضييق عليهنّ؛ بأن يعلقّها، أو يراجعها بقصد الإضرار بها، أو يطلقها ويحرمها من حقوقها؛ من نفقة وسكنى، ورضاعة، وأمر بالمعاملة بالمعروف، سواء طلّقها أو أرجعها، وأن يتقي الله فيها، وكذا نهى أولياء الأمور بعدم منع رجوع ابنته المطلقة إن تراضت مع زوجها ورغبت بالرجوع إليه، فقال -تعالى-:

  • (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). [سورة البقرة، آية:231]
  • (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). [سورة البقرة، آية: 232]
  • (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى). [سورة الطلاق، آية: 6]



مواضيع أخرى:

آيات الخطبة والزواج

آية تعدد الزوجات في القرآن الكريم