إن القمر آية من آيات الله العظيمة التي تدعو الإنسان إلى التفكّر والتأمل في خلق الله -تعالى- وقدرته، فهو من الظواهر الكونية التي تدل على عظمة الخالق وكماله، من حيث الدقة الهائلة والنظام البديع في مراحل ظهوره، ودورته، ومنازله، ونوره المستمد من الشمس وانعكاسه على الأرض، وأثره على الحياة والكون، وما ينشأ عنه وعن الشمس من تعاقب الليل والنهار واختلافهما، والخسوف والكسوف، والشروق والغروب، ومعرفة الأوقات والأزمنة، وغير ذلك من الأمور التي تشير إلى أهميته وأثره، وقد ذكر الله -تعالى- في كتابه آيات عديدة تتحدث عن القمر، حتى أنه سمّيت سورة بأكملها بسورة القمر، وآتياً بيان الآيات التي تحدثت عنه بمختلف الموضوعات.
آيات عن القمر
انشقاق القمر واقتراب الساعة
ابتدأ الله -سبحانه وتعالى- في سورة القمر بذكر معجزة من معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي معجزة انشقاق القمر، حيث حدثت عندما تحدى مشركو مكة النبي -عليه الصلاة والسلام- وطلبوا منه أن يأتي بمعجزة سماوية تكون آية لهم حتى يؤمنوا، فانشق القمر إلى نصفين حتى رأى المشركون غار حراء بينهما، وقد أشار القرآن الكريم أن آية انشقاق القمر دليل على اقتراب موعد يوم القيامة ونهاية الدنيا، قال -تعالى-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ). [سورة القمر، آية: 1]
القسم بالقمر
أقسم الله -تعالى- في كتابه بالقمر فقال:
- (كَلَّا وَالْقَمَرِ). [سورة المدثر، آية: 32]
- (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ). [سورة الانشقاق، آية: 18]
- (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا). [سورة الشمس، آية: 2]
بيان أن القمر نور
فرّق الله -سبحانه وتعالى- في كتابه بين القمر والشمس، فذكر أن القمر نور؛ وأن الشمس ضياء وسراج؛ حيث إن القمر هو كوكب يُستنار من أشعة الشمس فيأخذ نوره منها وينير الأرض وأهلها، وأما الشمس فهي نجمٌ مضيء بذاته، تشع الضوء وتنشره، فالنور الذي وُصف به القمر يدلّ على إشراق دون إحراق، والضياء الذي وُصفت فيه الشمس يدلّ على إشراق وإحراق معاً، فقال -تعالى-:
- (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). [سورة يونس، آية: 5]
- (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا). [سورة الفرقان، آية: 61]
- (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا). [سورة نوح، آية: 16]
تسخير القمر لصالح الإنسان
ذكر الله -تعالى- في كتابه أن القمر وغيره من النجوم والكواكب كلها مخلوقات مسخرة لمنفعة الإنسان؛ مهيأة مذللة بإرادة الله، تسير وفق أمره، فهي مأمورة يحكم الله بها متى يشاء، ومن الآيات الدالة على ذلك:
- (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). [سورة الأعراف، آية: 54]
- (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ). [سورة الرعد، آية: 2]
- (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). [سورة النحل، آية: 12]
- (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). [سورة لقمان، آية: 29]
- (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ). [سورة فاطر، آية: 13]
- (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ). [سورة الزمر، آية: 5]
- (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ). [سورة إبراهيم، آية: 33]
تغير حال القمر يوم القيامة
بين الله -تعالى- أن يوم القيامة يُخسف القمر، فلا يكون له نور، ويُجمع مع الشمس، فلا يكون هناك تعاقب بين الليل والنهار، وبذلك تنتهي الدنيا وتبدأ الآخرة، قال -تعالى-: (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ* فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ* وَخَسَفَ الْقَمَرُ* وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ). [سورة القيامة، آية: 5-8]
وسيلة لمعرفة المواقيت والأزمنة
وصف الله -تعالى- الشمس والقمر أنهما حسبان؛ أي أنهما يسيران وفق حساب متقن ونظام محكم؛ فقال -تعالى-: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)، [سورة يس، آية: 40]، فجعل الشمس علامة على النهار، والقمر علامة على الليل؛ كلٌ يسير في مساره، مما يترتب على ذلك معرفة المواقيت والأزمنة، فيعلم الناس عدد السنين، والأشهر، والأيام، والساعات، والأوقات، واختلاف الليل والنهار من حيث الطول والقصر، فجاء في ذلك:
- (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ). [سورة الرحمن، آية: 5]
- (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ). [سورة الأنعام، آية: 96]
- (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا). [سورة الإسراء، آية: 12]
- (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). [سورة يونس، آية: 5]
مواضيع أخرى: